ويرى الجوهري أنه ربما كانت هناك صورة نمطية للذات العربية في الفكر الصهيوني، الذي هو – بتعبيره – امتداد للحاضنة الأوروبية وصورة الإنسان الغربي الأبيض المتفوق أمام الشرق بتمثلاته المتعددة. لكن دراسته هذه ترصد جانباً آخر في العقلية الصهيونية لم تسلط عليه الأضواء آلة الدعاية التقليدية، وظل الهامش كمسكوت عنه، وهي صورة العربي المقاوم والصامد في وجه الزمن انتظاراً للحظة التحول الوجودي كي يسترد ما سُلِب منه وتعود إليه ذاته. وأهمية هذه الدراسة ذات المنهج الأكاديمي – كما يؤكد الجوهري في مقدمة كتابه – تكمن في أنها تمت، من خلال مصادر عبرية وليست دراسة في الأدب العربي مثلاً لنقول إنها مجرد حالة متوهمة من تمجيد الذات العربية. وفي قلب تلك المصادر، أحد أبرز الشعراء الإسرائيليين وهو دافيد أفيدان (1934 – 1995) الذي يكشف عن صورة مغايرة لتصور كل من اليمين واليسار الإسرائيليين، وهي صورة "العربي الكامن" الذي ينتظر لحظة الانتفاض على القهر. ذلك العربي وفق التصور نفسه ليس مجرد ضحية وفرصة محتملة للتعايش والسلام عند فصائل اليسار، وليس مجرد كائن منغلق على ذاته البربرية كما عند فصائل اليمين.
|